Pages

lundi 8 juillet 2013

آجال الأداء في القانون التجاري المغربي : على ضوء القانون رقم 32.10 المتمم بموجبه القانون رقم 15.95 المتعلق بمدونة التجارة


اعتماد الغرامة عن التأخير إلزامي 

 الرجوع دوريا إلى آخر سعر مديري لبنك المغرب لتحديد سعر
 الغرامة

من الأكيد أن رهانات قانون آجال الأداء لم تأخذ بعين الاعتبار خصوصية بعض القطاعات الاقتصادية إذا ما نحن قد أخذنا برأي أهم الفاعلين الاقتصاديين .. و من الأكيد أنه ليس هناك قانون أثار من ردود الفعل أكثر من القانون رقم 32.10 المتمم 
بموجبه القانون رقم 15.95 المتعلق بمدونة التجارة

ست سنوات مرت حتى يومنا هذا.. ليخرج قانون آجال الأداء إلى حيّز الوجود بهدف إستثباب الثقة بين التجار و ضمان عدم الإضرار بالتوازنات المالية للمقاولة المغربية  وذلك بتقنين ٱجال الأداء وتخفيضها  ، وتقريب التشريع التجاري المغربي من نظير فرقائه الإقتصاديين خاصة بالإتحاد الأوروبي 

ماهي النصوص القانونية المنظمة لٱجال الأداء في التشريع المغربي ؟
الظهير الشريف رقم1.11.147 صادر في 16 من رمضان 1432 ( 17 أغسطس 2011 ) بتنفيذ القانون رقم 32.10 المتمم بموجبه القانون رقم 15.95 المتعلق بمدونة التجارة 

القرار المشترك لوزير الاقتصاد والمالية ووزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة رقم 3030.12 صادر في 3 ذي القعدة 1433 ( 20 سبتمبر 2012 ) بتحديد سعر غرامة التأخير وكيفيات تركيبة رصيد الديون تجاه الموردين في المعاملات التجارية  

جدير بالذكر أن القرار الوزاري المشار إليه يفرض الرجوع دوريا إلى آخر سعر مديري لبنك المغرب ورفعه بسبعة نقاط مئوية تطبق على أصل الدين بناء على المرسوم رقم 2.12.170 الصادر في 12  يوليو 2012 بتطبيق الباب الثالث من القسم الرابع من الكتاب الأول للقانون رقم 15.95 المتعلق بمدونة التجارة حول آجال الأداء، ولا سيما المادتين الأولى والثانية منه، وعليه تحدد نسبة غرامة التأخير عن الأداء في عشرة (10%) بالمائة بالنظر إلى السعر المديري المحدد بحسب بنك المغرب في ثلاثة بالمائة 

أما فيما يخص كيفيات تركيبة رصيد الديون تجاه الموردين في المعاملات التجارية فلا بد من الرجوع إلى النموذج الملحق بالقرار الوزيري  أضغظ هنا للإضطلاع على نموذج تركيبة رصيد الديون

المرسوم رقم 2.12.170 صادر في 22 من شعبان 1433 ( 12 يوليو 2012 ) بتطبيق الباب الثالث من القسم الرابع من الكتاب الأول للقانون رقم 15.95 بمثابة مدونة التجارة حول آجال الأداء 

مضمون النصوص القانونية المنظمة لآجال الأداء 
يحدد أجل أداء المبالغ المستحقة في (60) ستين يوما ابتداء من تاريخ التوصل بالسلع أو تنفيذ الخدمة المطلوبة إذا لم يتفق الأطراف على تحديد أجل للأداء 

عندما يتفق الأطراف على أجل لأداء المبالغ المستحقة، فإن هذا الأجل لا يمكن أن يتجاوز تسعين (90)  يوما ابتداء من تاريخ التوصل بالسلع أو تنفيذ الخدمة المطلوبة 

على المستوى التعاقدي  يجب أن تحدد الشروط المتعلقة بالأداء غرامة عن التأخير تستحق ابتداء من اليوم الموالي لأجل الأداء المتفق عليه بين الأطراف، ولا يمكن لسعر هذه الغرامة أن تقل نسبته عن السعر المحدد قانونا
عندما لا تنص الشروط المتعلقة بالأداء على غرامة التأخير، تستحق هذه الغرامة بالسعر ابتداء من اليوم الذي يلي أجل الأداء المتفق عليه بين الأطراف 

 أما عندما لا يتفق الأطراف على تحديد أجل للأداء، تستحق غرامة التأخيرابتداء من اليوم الذي يلي أجل انصرام ستين يوما الموالي لتاريخ التوصل بالسلع أو تنفيذ الخدمة المطلوبة 
تستحق غرامة التأخير دون الحاجة إلى إجراء سابق 

يعتبر كل شرط من شروط العقد الرامية إلى تخلي التاجر عن حقه في المطالبة بغرامة التأخير باطلا وعديم الأثر 

نشرالمعلومات حول آجال الأداء بالقوائم التركيبية  
فيما يخص نشر المعلومات حول آجال الأداء، يجب أن تنشر الشركات التي يصادق على حساباتها السنوية مراقب أو مراقبي الحسابات المعلومات حول آجال الأداء   المتعلقة بمورديها كما تكون هذه 
المعلومات موضوع بيان في تقرير مراقب الحسابات 

ويتعلق الأمر بشركات المساهمة بنوعيها، شركة التوصية بالأسهم من جهة و شركة التضامن ،شركة التوصية البسيطة، الشركة ذات المسؤولية المحدودة التي تتجاوز، عند اختتام السنة المحاسبية، خمسين مليون درهم لمبلغ رقم معاملاتها دون اعتبار الضرائب من جهة أخرى

أما فيما يخص التقادم : تتقادم دعوى المطالبة بغرامة التأخير بمضي سنة ابتداء من يوم الأداء 

وأخيرا تجدر الإشارة إلى أنه من المنتظر صدور دورية عن الإدارة العامة للضرائب، من أجل تقديم توضيحات حول الشق الضريبي للقانون رقم 32.10 في جانبه العملي ، بل إن الإتحاد العام لمقاولات المغرب قدم للحكومة مؤخرا مجموعة من المقترحات لتعديل القانون المذكور
مجد رشيد 19 ماي 2013

mardi 24 avril 2012

استقلال قضاة النيابة العامة في ظل الدستور الجديد


النيابة العامة مؤسسة عمومية وقضاء من نوع خاص أوكل إليه المشرع السهر على التطبيق السليم للقانون

لقد جعل دستور المملكة الجديد من القضاء سلطة مستقلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية ، واعتبر أن أي تدخل في أعمالها يشكل مساسا باستقلالها وفعلا معاقبا عليه، ومنع القضاة وهم يمارسون مهامهم من تلقي أي  أوامر أو تعليمات ومن الخضوع لأي  ضغوط كيفما كان شكلها أو مصدرها، وألزمهم بإحالة كل تهديد لاستقلالهم على المجلس الأعلى للسلطة القضائية تحت طائلة المساءلة والعقاب.
فترسيخا لمبدأ الاستقلال تم إذن إحداث مؤسسة المجلس الأعلى للسلطة القضائية بتركيبة ووظائف جديدة مع فك ارتباطها إداريا وماليا عن وزارة العدل انسجاما مع المعايير والمواثيق الدولية بخصوص استقلال السلطة القضائية التي تفرض على الدولة أن تكفل استقلال السلطة القضائية مؤسساتيا وماليا عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، وتلزم القضاء بالبت في القضايا المعروضة عليه وفقا للقانون دون تحيز وبعيدا عن أي  قيود أو ضغوط أو تهديدات أو تدخلات.
فإذا كان المقصود بالاستقلال السلطة القضائية توفير الآليات القانونية والمادية والمؤسساتية التي من شأنها تحصين القضاة من كل تأثير لسلطة المال والإعلام ومن أي تدخل للسلطتين التشريعية والتنفيذية، فإن التساؤل المطروح هو هل قضاة الأحكام وحدهم المعنيون بهذا الاستقلال أم أنه يشمل كذلك قضاة النيابة العامة باعتبار الصنفين معا يشكلان السلطة القضائية وفقا لمدلول الفصل الأول من القانون الأساسي لرجال القضاء 11 نوفمبر 1974؟ وهل يمكن الحديث عن استقلال قضاة النيابة العامة في ظل الوضع الدستوري والقانوني والمؤسساتي الحالي الذي يجعل من وزير العدل رئيسا للنيابة العامة؟ 
من المعلوم أن النيابة العامة مؤسسة عمومية وقضاء من نوع خاص أوكل إليه المشرع السهر على التطبيق السليم للقانون ترسيخا للعدالة وحقوق الإنسان والحريات الأساسية للأفراد، علاوة عن دورها التقليدي في محاربة الجريمة من خلال إشرافها على عمل الشرطة القضائية وتحريكها للمتابعات في حق المخالفين للقانون الجنائي، ومن خصائصها إلى جانب الاستقلال ووحدة أعضائها خضوعها لمبدأ التسلسل الرئاسي فهي توصف بأنها قضاء التعليمات والتي غالبا ما تكون شفوية نظرا للسرعة التي تتطلبها طبيعة عمل هذه المؤسسة، وإن كان الفصل 110 من الدستور يلزم أعضاء النيابة العامة بتنفيذ التعليمات الكتابية القانونية الصادرة عن السلطة التي يتبعون لها، فالتعليمات الواجبة التنفيذ ينبغي أن تكون دوما مطابقة للمقتضيات القانونية، إذ المفروض أن أعضاء النيابة العامة ملزمون بتطبيق القانون، وهم بحكم طبيعة مهامهم يخضعون للسلطة التي يعملون تحت إمرتها فلوكيل الملك بالمحكمة الابتدائية سلطة على نوابه (المادة 39 من ق.م.ج) وللوكيل العام لدى محكمة الاستئناف سلطة على نوابه وعلى وكلاء الملك ونوابهم (المادة 49 من ق.م.ج ) في تراتبية هرمية على رأسها وزير العدل الرئيس المباشر لجهاز النيابة العامة. 
لكن من أين يستمد وزير العدل شرعية ترؤسه هذا الجهاز؟ 
لقد انقسمت التقديرات في الإجابة عن هذا الإشكال إلى رأيين:
رأي أول يرى أن وزير العدل يستمد شرعيته في رئاسة النيابة العامة باعتباره عضوا في الحكومة المبثقة عن الأغلبية البرلمانية، وأن الممارسة الديمقراطية تستلزم إخضاع جميع القطاعات بما فيها قطاع العدل للمساءلة السياسية، وهو لن يتأتى إلا من خلال مساءلة وزير العدل من طرف ممثلي الأمة باعتباره المشرف على تنفيذ السياسة الجنائية ( المادة  51 من قانون المسطرة الجنائية)، علما أنه بالاطلاع على تجارب دول أخرى كفرنسا مثلا، نجد أن وزير العدل هو الذي يتولى تحديد السياسة الجنائية ورسم معالمها من خلال دوريات تنشر بالجريدة الرسمية (الدورية الصادرة بتاريخ 8 مارس 2012 الخاصة بالسياسة الجنائية) المحددة للخطوط العريضة لهذه السياسة والتي يتعين اعتمادها من قبل أعضاء النيابة العامة في معالجة القضايا المعروضة عليهم.
في حين يذهب الرأي الثاني إلى التأكيد على ضرورة استبعاد وزير العدل عن ترؤس جهاز النيابة العامة ضمانا لاستقلال هذه الأخيرة معتبرا أن السلطة القضائية هي التي ينبغي أن تضع السياسة القضائية بصفة عامة، وأن تباشرها بعيدا عن أي تدخل من لدن أي سلطة أخرى، تماشيا مع المواثيق الدولية التي تؤكد على ضرورة أداء أعضاء النيابة العامة مهامهم الأساسية المتجلية في إقامة العدل باستقلالية تامة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية.
فحسب هذا الاتجاه فإن ترؤس وزير العدل للنيابة العامة يشكل مساسا بالاستقلال المؤسساتي لقضاة النيابة العامة، ويقترح كبديل عنه أن يتم ترؤسها من قبل الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض تجسيدا لاستقلاليتها كما هو الشأن في كثير من الأنظمة القضائية ككندا والولايات المتحدة الأمريكية مع  ضرورة الأخذ بعين الاعتبار أن هذه الأنظمة الأنكلوسكسونية تعتمد آلية الانتخاب في تسمية القضاة وليس التعيين مما يسمح بالمساءلة السياسية على أساس البرامج التي اعتمدت أثناء ترشحهم لهذا المنصب.
ولعل المنطق الدستوري (الفصل 115) يتماشى مع المقاربة الأخيرة في استبعاد وزير العدل عن ترؤس جهاز النيابة العامة بالنظر إلى أن المجلس الأعلى للسلطة القضائية أصبح يضم في تشكيلته هيآت وشخصيات غير قضائية، كما أضحى يتمتع بوظائف جديدة وعلى الخصوص تلك المتعلقة بإعداد تقارير حول وضعية القضاء ومنظومة العدالة ومعالجتها، مما يخول له وضع التوجهات الكبرى للسياسة القضائية بصفة عامة بما فيها السياسة الزجرية، مع إسناد تنفيذها إلى السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض باعتباره عضوا في المجلس المذكور وسلطة رئاسية لأعضاء النيابة العامة.
وختاما يمكن القول إن ضمان استقلال السلطة القضائية والقضاة في ممارستهم وظائفهم لن يتحقق إلا من خلال صياغة قوانين تنظيمية وفقا للمعايير الدولية في مجال استقلال السلطة القضائية دون تمييز بين قضاء الأحكام وقضاة النيابة العامة اللذين يشكلان معا الجسم القضائي، علما أن الاستقلال بهذا المعنى لا يشكل غاية في حد ذاته، وإنما وسيلة لتحقيق العدالة، كما أنه لا يعد مطلبا مهنيا خاصا وإنما شأنا عاما، اعتبارا أن استقلال القضاء شرط أساسي للممارسة الديمقراطية.
 جريدة الصباح عبد العزيز البعلي